كتب :د/عادل سالم
مثل أصله بيت شعر لسفيان الثورى ، يردده الناس وهو من أمثلة الفصحى، وهو يرتقي لمرتبة الحكمة ، لما فيه النصيحة والوعظ
وللمثل قصة وهى :
تزوج رجل بدوى من أبنة عمه، وكانت جميلة و ذات علم وخلق ودين تعلمت الأدب وقراءة الشعر ونظمه ،
مر علي زواجهما عام.
وحدث بينه وبين أبن عمه خلاف وتطور من الكلام الي الشيجار و انتهى بقتل ابن عمه .
اجتمعت العائلة وكان حكم القبيلة عليه بالنفي خارج الديار، وهذا الحكم من الأحكام المتبعة في ذلك الوقت.
أخذ زوجته وترك القبيلة ونزل علي قبيلة أخرى، استقبله شيخ القبيلة التي نزل عليها ضيفاً،
ومنحه دار وعمل، وقربه منه، حتي صار من أقرب الناس إليه، وتعامل الشيخ والقبيلة معه وكأنه أحد أبناء القبيلة .
وفي أحد الأيام خرج شيخ القبيلة يتجول بمفرده فشاهد زوجت ذلك البدوى... ففتن بجمالها، و انشغل عقله وخياله بها ، ووسوس له الشيطان بحيلة،
فجمع أهل القبيلة، و قال لهم : نمى إلي علمي أن مكان ما - وذكر المكان - به خير وزروع وثمار ونُريد غزو هذا المكان، ولكن أريد أن أتحقق قبل أن نتحرك بالجنود على حدود المكان والمداخل والتفاصيل، وأحتاج الي أربعة رجال يذهبوا الي هذا المكان ويتحققوا من صحة ما قيل ويتبينوا من لي الموقع والتفاصيل .
وبالفعل أختار أربعة من الرجال من بينهم زوج المرأة
وبهذه الفكرة أبعد الرجل عن بيته، وسافر الرجال .
ولما جني الليل، ذهب شيخ القبيلة لدار الرجل وكانت ليلة شديدة الظلمة، فَصُدم بساري الخيمة، فأحست به المرأة ، فقالت : من بالباب ؟
فرد الشيخ قائلا : أنا شيخ القبيلة فلان .. الذي رحب بكما واستضافكما بقبيلته،
فقالت : أهلا وسهلا، فما حاجةشيخ القبيلة من امرأة في جوف الليل وزوجها غائب كما تعلم ؟
فقال الشيخ : قد رأيتك وتمكن جمالك من أن يأسر قلبي، وأحتاج منك ما تعلمي،
فقالت : له أوفق ولكن لي شرط
قال : فما هو ؟ قالت عندى لغز أن عرفت إجابته كنت لك ! قال ما هو ؟
قالت : لكى لا يفسد اللحم يوضع عليه الملح ليحفظه، قال : نعم
قالت : وما يحفظ الملح إذا الملح فسد ؟
فخرج الشيخ وهو يفكر و يردد
" ما يصلح الملح إذا الملح فسد " ؟؟؟
وظل يفكر في إجابة السؤال طول اليل
ولم يهتدى لإجابة .
و في صباح اليوم التالي و أثناء إجتماع مجلس القبيلة سألهم، من يصلح الملح إذا الملح فسد؟
أجاب كل من كان في المجلس إلا رجل واحد،
ولكن شيخ القبيلة، لم يتفاعل مع إجباتهم ولم يقتنع بها، وخرج من كان بالمجلس إلا ذلك الرجل،
فقال له الشيخ لما لم تجب؟
فقال: لا افضل الإجابة أمام الناس
فقال أغلب ظني أنك راودت إمرأة ذات دين وخلق وعلم وأدب عن نفسها، وأرادت أن تردك ولا تفضحك
وتكسبك ولا تخسرك، وتتخذك سند لاعدو،
وتحفظ نفسها وزوجها،
واللغز أصله بيت شعر يقول :
" يا رجال العلم يا ملح البلد من يصلح الملح إذا الملح فسد "
وتريد أن تقول : إنك كبير القبيلة وزعيمها ، يلجأ اليك المتنازعون عند التخاصم وحين الخلاف
فأنت كالملح تصلح ما يفسده الآخر ، فماذا نفعل إذا هذا الملح أراد الفساد ، ومن يصلحه ؟
تأثر شيخ القبيلة وندم علي ما كان منه، ثم أصطحب أخواته البنات وذهب بهن نهاراً وأستأذن صاحبة الدار، وأدخل النساء بدارها، وظل خلف الباب ،
وأقسم قالا : أُشهدكن جميعاً بأن جميع من بالدار وأنت منهن أخواتي لي، والله علي ما أقول شهيد
والعبرة من المثل ، أنه إذا فسدالشيخ أو العالم أو المربي أو المسؤل أو النخب أو ذا السلطان ،
فمن يصلحه ؟
من يصلح ما هو منوط به إصلاح الآخر ؟؟
* فمن يصلح الملح إذا الملح فسد ؟؟؟؟