القائمة الرئيسية

الصفحات

اخر الاخبار

نيران الغضب_ الجزء الثالث


مرت عدة أيام و نيهال هادئة للغايه لا تعترض على أي شيء و تنفذ كل ما يطلبه منها دكتور سليم , ثم قرر أن يضعها تحت اختبار دون أن يخبرها ليرى كيف ستتصرف , طلب من راضي أن يحاول استفزازها , فدخل إلى غرفتها في وجود دكتور سليم و طلب منه أن يجد أحدا غيره لخدمة غرفة هذه الفتاة لأنه لا يطيقها لأنها مجنونه و نظراتها مرعبه و لا أحد يتحمل خدمتها , ظل دكتور سليم يراقب انفعالاتها و هي تنظر إلى راضي في حنق ,لكنها لم ترد بكلمه لقد فهمت خطته و نجحت في إفشالها .
فكر في شيء آخر ,طلب من والدها وجدتها القدوم لزيارتها و بمجرد أن رأتهما بدأت ملامحها تتغير على الفور و خصوصا مع قول جدتها أن هذا هو المكان المناسب لها, ترقب دكتور سليم حدوث مصيبه بعد هذه الكلمة لكنه فوجيء بملامحها تعود لطبيعتها ثانية ولم ترد على جدتها مطلقا, ابتسم في سعادة و بعد انصرافهما قال لها:" رائع يا نيهال لقد رأيتك بعيني كيف تغلبتي على ذلك الكيان !"
ابتسمت قائلة:" نعم لقد شعرت بنيران الغضب تشتعل في جسمي لكنني تمكنت من المقاومة ونجحت في السيطرة عليه قبل أن يخرج و يسحق جدتي بلا رحمه ,مع أنها تستحق ذلك!" نظر إليها معاتبا فتجاهلته و تابعت :" و الآن أريد أن أخرج من هنا ".
رد عليها :" ليس بعد لازلتي تحتاجين إلى العلاج".
فأجابته :" حسنا لكنني قد مللت البقاء هنا طوال الوقت هل بإمكاني الخروج و لو لمرة واحده ؟ أريد زيارة أمل و الإعتذار منها على ما فعلته بها".
فكر دكتور سليم قليلا ثم قال لها :" لا بأس سأحاول و لكنك ستخرجين على مسئوليتي و سأذهب معكي بنفسي ثم أعيدكي إلى هنا ثانية".
                        **************
بعد يومين اصطحبها دكتور سليم لزيارة أمل و التي ما أن رأتها حتى أصابتها نوبة هلع شديده, ظلت نيهال تراقبها في استمتاع شديد محاولة إخفاء ذلك عن دكتور سليم, و بعد أن هدأت تماما اعتذرت نيهال منها , وكان رد أمل عليها غير متوقع:" لا اعلم حقا يا نيهال ما الذي يغضبك مني إلى هذا الحد ؟؟ لقد حاولت مرارا التقرب منكي و لكن بلا جدوي , كنت دائما أبتسم في وجهك لأبعث لكي رسالة سلام و اطمئنان, مرة سألتك أين أصدقاؤك لأطلب منكي الإنضمام إلينا لكنك لم تعطيني الفرصة لأتم حديثي و انصرفتي مسرعة, ومرة أخرى عندما تأخرتي عن المحاضرة ووبخك الدكتور , ابتسمت لكي و أشرت إليك بيدي لتهدئي لكنك نظرتي إلي بغضب شديد لم أفهم لماذا؟! , وذلك اليوم  عندما سقطتي على الأرض ركضت مسرعة نحوك لأساعدك على النهوض, لكنك سحبتي يدكي من يدي في عصبية فاختل توازنك و سقطتي ثانية". نظر دكتور سليم إلى نيهال في لوم, لكنها صرخت غاضبة:" كاذبه !!أنتي كاذبه !!! لقد تعمدتي الشماتة و السخرية مني طيلة الوقت !! كل ما تقولينه كذب !! أنتي أفلتي يدي متعمدة لتسقطيني على الأرض !أنا أكرهك !! بل أكرهكم جميعا!!!" .
ثم بدأت ملامحها تتغير و تصرخ تلك الصرخة المفزعة , انهارت أمل تماما عندا رأت ذلك المنظر ثانية و حاول دكتور سليم التدخل لتهدئتها لكنها رفعته في الهواء و طرحته أرضا ثم اختفت!!!!!!!!!!!!!
صاح دكتور سليم في انفعال شديد :" لقد خدعتني !!! لقد هربت!!".
بحثوا عنها في كل مكان ولكن بلا جدوي.
و بعد مرور عدة أيام ,بدأت تظهر أنباء عن حوادث في أماكن متفرقه نتيجة لظهورها في تلك الأماكن , ثم تعاود الإختفاء ثانية , أصبحت حالتها حديث الناس في كل مكان و الشرطة تبحث عنها بلا هواده.
كان دكتور سليم يتابع ما يجري في حزن شديد و يشعر بالذنب لما يحدث لها و للآخرين بسببها, و في أحد الأيام جاءه اتصال من رقم لا يعرفه :
- دكتور سليم أرجوك أنقذني لم أعد أستطيع السيطرة على جسدي إلا نادرا جدا.
هب واقفا في انفعال و هو يقول :" نيهال أخبريني أين أنت سآتي إليك في الحال , حاولي السيطرة على غضبك فهذا هو الحل الوحيد ذلك الكيان يتغذى على غضبك!!"
- أنا في منزلي القدي.........
ثم قطع كلامها تلك الصرخة المدويه و انقطع الاتصال. علم دكتور سليم أن ذلك الكيان العجيب قد سيطر عليها ثانية , لم يعد هناك وقت يجب أن أعثر عليها قبل أن تختفي إلى الأبد. 
ثم أسرع بالإتصال بوالدها يحكي له ما حدث و يسأله عن أي منزل قديم تتحدث, فأجابه أنها بالتأكيد تقصد المنزل الذي ولدت فيه ,فهو مغلق من فترة طويله ,منذ انفصال والديها و ذهابها للعيش مع جدتها , أخذ منه عنوان المنزل و خرج مسرعا إليها.
وصل إلى بناية قديمة من ثلاثة طوابق صعد إلى الطابق الأعلى كما أخبره والدها ,كان الباب مفتوحا و الشقة مظلمة تماما , دخل في بطء شديد و هو يتلفت حوله في حذر , بحث عن مكبس الضوء و ضغط عليه ,و ما أن فتحه حتى اتسعت عيناه عن آخرهما من هول ما رآى!! , كانت نيهال تجلس القرفصاء في الهواء بالقرب من سقف الغرفه , و شعرها مبعثر حول رأسها وكأنه مشدود من جميع الاتجاهات , مغمضة العينين تبدو كالنائمه , ترتفع و تنخفض في الهواء في حركة بطيئة للغاية و هي في حالة سكون. ظل ينظر إليها و الرعب يعصف بكل جوارحه لا يعلم ماذا يجب أن يفعل تقدم نحوها في خطوات بطيئة محاولا عدم إثارة انتباهها فهو لا يعلم ما الذي سيحدث له عندما تفتح عينيها, اقترب منها في هدوء ثم أحضر كرسي و صعد فوقه وحاول سحبها إلى الأسفل ببطء شديد, نجح في انزالها إلى الأسفل, ثم أخذ يهمس في أذنها بصوت منخفض للغاية:" نيهال أنا سليم لقد جئت لإنقاذك أرجوكي قاومي أنت تسطيعين صدقيني!!!" , ثم مسح على رأسها بإشفاق محاولا طمأنتها , بدأت تفتح عينيها في بطء شديد , وهو يراقبها و قلبه يكاد يتوقف من شدة الخوف, نظرت إليه بعينين شاردتين, ساد الصمت بينهما لبضع ثواني ثم رفعت حاجبيها في دهشة قائلة :" دكتور سليم ؟؟ هذا أنت حقا ؟؟" .ابتسم في حنان :" نعم يا عزيزتي هذا أنا اطمئني سيكون كل شيء على ما يرام صدقيني , حاولي فقط السيطرة على غضبك و ستنجحين في استعادة التحكم في جسدك ".
بكت في مراره و هي تغطي وجهها بكلتا يديها :" لم أعد أقوى على شيء , أنا من فعلت ذلك بنفسي , أنا من زدت في قوته شيئا فشيئا حتى خرج عن السيطره , لقد تعبت كثيرا ".
ربت على كتفها قائلا:" لا عليكي لن أترككي حتى تتخلصين منه تماما و الآن تعالي معي إلى المستشفى فهناك سأتمكن من الإعتناء بكي جيدا".
وقفت لترافقه إلى الخارج لكنها فوجئت برجال الشرطة يقتحمون المكان بصحبة والدها , الذي أبلغهم بمكانها بعد مكالمة دكتور سليم له, أحاطوا بها من كل اتجاه و قيدوها من يديها و دكتور سليم يصرخ بأعلى صوته :" اتركوها !!! أرجوكم أنتم لا تدركون ماذا ستفعلون!!! ارجوكم اتركوهاا!!!!!".  ولكن بلا جدوى و فجأة صرخت بذلك الصوت المفزع مجددا بدأت ملامحها تتغير إلى ذلك الشكل المرعب و عيناها تشتعلان و كأن بهما نار ملتهبه , كسرت قيود يديها في سهولة بالغه ,ثم بدأت تشير إلى رجال الشرطة المحيطين بها فترفعهم في الهواء واحدا تلو الآخر, صرخ دكتور سليم :" لاااا!! أرجوكي لا تفعلي أنت تستطيعين التغلب عليه صدقيني , نيهال حاولي أرجوكي!". فوجئ بها تطرحهم أرضا جميعا و تلتفت نحوه و الشرر يتطاير من عينيها , ثم أشارت نحوه بكلتا يديها ,شعر بشي ما يخترق عظامه فصرخ في ألم شديد, و رفعته إلى الأعلى , وهو ينظر في عينيها قائلا:" نيهال أرجوكي حاولي, لا تتركيه يقتلني !!" صرخت بذلك الصوت ثانية و هي تهوي به نحو الأرض, ثم توقفت فجأة قبل أن يرتطم بها , بدأت ملامح وجهها تتغير على نحو عجيب و كأنه صراع محتدم بين ملامحها الحقيقية و ذلك الكيان المخيف, و دكتور سليم قد بدأ يغيب عن الوعي من شدة الألم و هي لا تزال ممسكة به في الهواء بواسطة تلك القوة الخفية على بعد مسافة بسيطة من سطح الأرض لكنه يعجز عن الإفلات منها, ثم بدأ اشتعال عينيها يهدأ شيئا فشيئا حتى عادت إلى وعيها , ثم سقط دكتور سليم على الأرض فاقدا للوعي , فركضت نحوه و هي تبكي :" سليم أرجوك سامحني!!".
   
بعد مرور عدة أيام , جلس دكتور سليم في غرفتها بالمستشفى و هما يتبادلان الضحك و الحديث ,و قد تحسنت حالتها كثيرا بعد أن تمكنت من هزيمة ذلك الكيان و استعادت السيطرة على جسمها ثانية , تابع دكتور سليم الإشراف على علاجها نحو ثلاثة أشهر حتى تأكد من شفائها تماما ,ثم طلب منها الزواج فكانت أسعد لحظة في حياتها , كان ما يقدمه لها هو كل ما تحتاجه في هذه الحياة أن يهتم أحد لأمرها و يحبها و يرعاها إنه الحلم الذي طالما تمنت أن يتحقق.

وبعد مرور نحو عام و نصف و بينما هي تلعب مع طفلتها الصغيرة ,أخذت منها لعبتها فصرخت في غضب وهي تبكي ثم بدأت ملامحها تتغير شيئا فشيئا و عيناها تشتعل على نحو مخيف , نظرت إليها نيهال وهي تبتسم ابتسامة شيطانيه قائلا:" مرحبا بعودتك!!!!!!!