ركضوا جميعا باتجاه غرفة مريم فوجدوا ساره تجلس بجوارها على الفراش محاولة تهدئتها و هي في حاله هيستيريه من البكاء , صاح هشام والدها:
- في إيه يا مريم إيه اللي حصل ؟؟
نظرت إلى ساره و قالت و هي ترتجف من الخوف :
- شوفته يا ساره كان واقف هنا .ثم أشارت بيدها نحو ستارة النافذه.
قال هشام في عصبيه :
- كلميني أنا هنا شوفتي مين ؟؟ حرامي ؟؟
- لأ يا بابا مش حرامي , شوفت خيال اسود طويل جالي في الحلم امبارح و حلمت نفس الحلم تاني انهارده وقمت على صوت صرخه قويه أول ما فتحت عيني فتحت نور الأباجوره لقيته واقف هناك.
تبادل هشام و نشوى نظرة قلقه قطعها صوت جنى و هي تقول :
- " أنا كمان شوفتها امبارح بس كانت بتضحكلي و بعدين جدو أدهم قالي متلعبيش معاها و هي أول ما شافته شكلها بقى وحش أوي و فضلت تلف حوالين نفسها بسرعه و بعدين مشيت".
تمنت ساره أن تخرج من البيت راكضة في الحال , لكنها لم تستطع التحدث بحرف واحد و ظلت تراقبهم و هم يتبادلون جميعا نظرات مليئة بالخوف و القلق البالغ و فجأة سمعوا صوت طرقات قويه تأتي من الأسفل , نزل هشام مسرعا تبعته نشوى ووقفوا وسط ردهة المنزل ليتتبعوا مصدر الصوت الذي كان قد توقف بالفعل , ساد الصمت لبضع دقائق ثم عادت الطرقات ثانية لكنها كانت تأتي من الأسفل , تعجب هشام كثيرا بعد أن عجز عن معرفة مصدر الصوت فلا يوجد بدروم في هذا المنزل , زادت الطرقات على نحو أثار الذعر في نفوسهم جميعا ثم توقف فجأة و ساد الهدوء تماما حتى الصباح, لم يذق أحد النوم في تلك الليلة عدا جنى التي لم يبدو أنها تأثرت من أي شيء مما جرى , جلس هشام و نشوى يتحدثان في قلق بالغ:
- ايه اللي بيحصل ده يا هشام ؟ البيت ده أكيد في حاجه.
- كان نفسي أقولك بيتهيألنا بس للأسف الواضح فعلا إن في حاجه مش طبيعيه.
- أنا أكتر حاجه قلقاني كلام جنى امبارح قالتلي جدو أدهم بيقولك خلي بالك من الأوضه اللي تحت ,وانا مخدتش على كلامها و قولت بتخرف.
- الأوضه اللي تحت ؟؟ تحت فين؟؟
قاطعهم صراخ مريم , فركضوا نحو الأسفل لتتسع عيونهم عن آخرها وهم يرون جنى ترقد على الأرض عند أحد أركان الطابق السفلي وهي تفرد يديها إلى الأعلى و قدميها مفروده و كأنها تشكل بجسدها علامة "ْX" و عيناها متجمده إلى الأعلى ,ومريم تصرخ في فزع و هي تحاول جاهدة تحريكها من مكانها دون جدوى و كأنها مثبتة على الأرض , هرع هشام إليها محاولها تحريكها لكنه لم يتمكن من ذلك أيضا , ثم اعتدلت فجأة و توجهت نحو غرفتها دون أن تنطق بحرف و غطت في نوم عميق ,تاركة الجميع وسط حالة من الذهول.
خرجوا إلى الحديقة لاستنشاق بعض الهواء في محاولة للسيطرة على أعصابهم قليلا , لاحظت نشوى المرأة التي تسكن في المنزل المقابل تقف في شرفة منزلها وتنظر إليها و تبتسم تلك الابتسامة العجيبة , ثم انصرفت نحو الداخل , فقدت نشوى أعصابها و قامت في عصبيه متجهة نحوها لولا أن أمسكها هشام قائلا:
- رايحه فين؟
- الست الي قصادنا دي عارفه حاجه و أنا لازم أتكلم معاها.
- اهدي يا نشوى مش عاوزين نعمل مشاكل مع حد احنا لسه ساكنين و مش هنفضح نفسنا وسط السكان .
عادا إلى الداخل و اسأذنت ساره في الانصراف على استحياء فلم تعد تستطيع تحمل ما يجري أكثر من ذلك .
صعدا إلى الأعلى لينالا قسطا من النوم , وأثناء مرورهما بجوار غرفة جنى سمعا صوتها تتحدث , فتحت نشوى الباب في حذر , فسكتت في الحال و التفتت نحوها قائلة :
- في حاجه يا ماما ؟
- بتكلمي مين يا جنى؟
- دي صاحبتي .
- بتقولك إيه؟
- بتقول لو ممشيناش من هنا هتاخد مريم عندها.
ارتعدت اوصال نشوي و دخلت في نوبة بكاء هيستيريه , ضمها هشام محاولا تهدأتها قائلا:
- أنا هجيب شيخ يقرا في البيت احنا محتاجين حد يساعدنا في المصيبه دي .
خلدت مريم إلى النوم بعد أن أعطتها نشوى قرصا منوما , وظلت بجوارها لطمأنتها حتى يعود هشام مع الشيخ , لكن النعاس قد غلبها و نامت هي الأخرى .
استيقظت بعد نحو ساعه فلم تجد مريم بجوارها ركضت تبحث عنها و هي تناديها , فجاء صوتها من الأسفل:
- أنا هنا يا ماما أنا عرفت هي فين!!!!!!
أسرعت نحوها فوجدتها تجلس مع جنى في نفس المكان الذي كانت ترقد فيه في الصباح , نظرت مريم إلى نشوى قائله:
- "شوفتها تاني في الحلم نفس الأوضه الغريبه بس المرادي شوفت الباب ", ثم وضعت يدها على الأرض و استطردت:
- " هنا ".
ظلت نشوى تنظر إلى الأرض لكنها لم تر شيئا حاولت البحث عن أي علامه توحي بوجود مدخل إلى تلك الغرفه , لكن بلا جدوى.
في تلك الأثناء وصل هشام بصحبة رجل مبروك يدعى "أبو النور", دله عليه أحد معارفه , لكن ما أن وقعت عينيه على مريم حتى شهق في فزع !!!!!!