القائمة الرئيسية

الصفحات

اخر الاخبار

البيت الجديد_ الجزء الاول

"شايفه الست اللي ماشيه هناك دي ,هتقع دلوقتي و الشاب ده هيجري عليها عشان يقومها".
حدقت ساره فيها واتسعت عيناها في ذهول عندما تحقق ما قالته للتو.
فضحكت ثم تابعت:
- " عادي يا بنتي أنا اتعودت خلاص , كل اللي بشوفه في الحلم بيحصل بالظبط زي ما شوفته , أقولك على سر أوقات بحس ان جنى اختي كمان زيي , مع انها لسه مكملتش خمس سنين بس أوقات بتقول حاجات قبل ما تحصل".
قاطعتها ساره في صرامه:
- " كفايه بقى يا مريم بجد أنا بخاف اوي من كلامك ده "
ثم تنهدت في عمق و حاولت تغيير الوضوع:
- " المهم ما قولتليش حددتوا المعاد اللي هتعزلوا فيه و لا لسه؟"
مطت مريم شفتيها و أجابت:
- " مش بالظبط بس غالبا في خلال أسبوع, كل ما افتكر اني هسيب بيتي و أروح البيت التاني ده بتخنق أوي , مش مرتحاله خالص مش عارفه ليه , مفيش مره دخلته إلا و حسيت بحاجه غريبه مش لقيالها تفسير , بحس بصداع و كتمه في النفس و ببقى مش قادره أقعد لدرجة اني بطلع أجري على بره واستناهم في الجنينه لحد ما يخلصوا , ماما بتقولي من ريحة الدهانات ,بس أنا حاسه ان في سبب تاني".
ردت ساره محاولة طمأنتها:
- " انتي بس زعلانه عشان هتسيبي بيتك , بس دا كمان بيتك و بكره هتتعودي عليه و هتفرحي بأوضتك الجديده , أنا اللي مش عارفه هتعود ازاي على غيابك , العماره هتضلم من غيرك".
لاحظت مريم تلك الدموع التي تلألأت في عيني ساره فضمتها في قوه, لتحتضنها هي الأخرى و تدخل في وصلة بكاء شديده, فهما جارتان منذ مولدهما .
بعد مرور نحو أسبوع جاء اليوم المنتظر ووصلوا إلى المنزل الجديد ,كان المنزل جميلا للغايه من الخارج ,يتكون من طابقين و تحيط به حديقه صغيره, يمتاز بمكانه الهادئ على أطراف إحدى المناطق السكنيه الراقيه.
توقفت السياره و نزلت منها نشوى والدة مريم و هي تنظر إلى المنزل في زهو , و الابتسامة تعلو وجهها فقد تحقق حلمها أخيرا ,منذ سنوات طويله و هي تتمنى أن تسكن في منزل وحدها بعيدا عن زحام سكان العمائر و مشاكلهم التي لا تنتهي, حتى أنها لم تصدق عينيها عندما رأت إعلان بيع هذا المنزل على إحدى مواقع بيع العقارات بسعر لا يصدق ,فظلت تلح على هشام زوجها حتى وافق على بيع شقتهم و شرائه.
اتسعت ابتسامتها أكثر و هي تخطو خطواتها الأولى إلى داخله , وتتابع العمال الذين ينقلون الأغراض إلى الداخل و صوت لعب جنى يملأ المكان ,كانت الأكثر سعادة بينهم بمنزلها الجديد, على عكس مريم التي كان الحزن يكسو ملامح وجهها , أسرعت نشوى نحوها و احتضنتها قائلة:
- " متزعليش يحبيبتي بكره تتعودي ,وخلي ساره تجيلك فأي وقت ,و أكيد هتتعرفي على بنات من سكان الكومباوند و هتكوني صداقات جديده و ذكريات جميله " ثم طبعت قبله على جبينها و انصرفت لتتابع نقل الأغراض.
خرجت إلى الحديقه لتنضم إلى هشام في توجيه العمال أثناء نقل المتبقي من الأغراض , و أثناء ذلك لاحظت جارتها في المنزل المقابل لها و الذي يفصله عن منزلها بضعة مترات فقط , كانت تقف في حديقة منزلها و تحدق في نشوى على نحو لافت للنظر, فابتسمت لها نشوى و أشارت بيدها لتحييها , لكنها ظلت ترمقها بنظرات جامده و ابتسمت على نحو أثار الفزع في نفس نشوى  ثم انصرفت إلى داخل المنزل , ظلت نشوى لوهله تحاول استيعاب ما حدث للتو لكنها قررت تجاهل الأمر و تابعت توجيه العمال .
بعد ليلة طويله مرهقه للغايه ,كانت نشوى تغط في نوم عميق عندما حاولت جنى إيقاظها في الصباح الباكر :
- " ماما! ماما! قومي عاوزه أقولك حاجه مهمه !!"
حاولت نشوى جاهدة فتح عينيها و هي تقول في صعوبه :
- " عاوزه ايه يا جنى ,سيبيني أنام حرام عليكي أنا تعبانه"
- " في حاجه مهمه لازم أقولهالك دلوقتي و إلا جدو أدهم هيزعل مني!"
اتسعت عينا نشوى و حدقت فيها قائلة:
- "جدو أدهم ايه بس يا جنى ؟! يحبيبتي أنا مش قولتلك جدو أدهم الله يرحمه راح عند ربنا و مش هنشوفه تاني؟!"
- " لأ أنا بشوفه هو جه من شويه و قالي لازم أقولك تخلي بالك من الأوضه اللي تحت "
ضربت نشوى رأسها بكفها وابتسمت قائلة:
- " أكيد كنتي بتحلمي يا حبيبتي تعالي نامي جمبي و بطلي تخاريف و أما تشوفي جدو أدهم تاني ابق سلميلي عليه".
- " ما هو واقف وراكي أهه"
شعرت نشوى بقشعريره تسري في جسدها من الخوف , التفتت في بطء نحو الخلف , لكنها تنهدت في ارتياح عندما لم تجد أحدا, نظرت إلى جنى في لوم قائلة:
- "حرام عليكي نشفتي دمي , تعالي نامي جمبي و بطلي تخاريف"
ثم حملتها ووضعتها بجوارها في الفراش و استسلمت للنوم .

طرقت مريم الباب في قوه , لم تصدق ساره عينيها عندما فتحت الباب ووجدتها أمامها , سألتها في قلق:
- " مريم؟؟؟ ايه اللي جابك دلوقتي ؟ و مالك عامله كدا ليه ؟"
- ما نمتش طول الليل ياساره كل ما أنعس أحلم بكابوس فظيع , والصداع ماسكني من ساعة ما دخلنا البيت , البيت ده في حاجه مش طبيعيه أنا متأكده.
- اهدي بس ايه الجنان اللي بتقوليه ده , طب احكيلي الكابوس اللي شوفتيه.
- " شوفت أوضه غريبه فيها حاجات قديمه و متكسره و فجأه ظهر فوسطها خيال اسود طويل و خرجت حشرات من كل ركن في الأوضه ملتها كلها و فجأه الخيال ده بدأ يدور بسرعه و يصرخ صرخه فظيعه , كل ما انعس أقوم على صوت الصرخه دي فوداني كإنها حقيقيه.
شعرت ساره بالقلق فهي تعلم جيدا أن أحلام مريم ليست مجرد أحلام عاديه,لكنها تظاهرت بالهدوء لتحاول طمأنتها:
- " تعالي نروح البيت دلوقتي و أنا هاجي معاكي و هستأذن من ماما أبات عندك انهارده , وهنشغل قرآن في أوضتك و ان شاء الله الليله دي هتنامي و كل حاجه هتبقى تمام".

قضوا اليوم في إتمام ترتيب المنزل حتى حل المساء,ثم خلدوا جميعا إلى النوم مبكرا وهم في غاية التعب , و عند منتصف الليل تماما استيقظوا جميعا على صوت صراخ مريم !!!!!