القائمة الرئيسية

الصفحات

اخر الاخبار

الصين والقمة مع دول آسيا الوسطى


كتب: عمرو عادل عبدالكريم 
باحث في العلاقات الدولية
بكالورويوس العلوم السياسية كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة

في الوقت الذي تعقد فيه دول السبع الكبرى "الولايات المتحدة الأمريكية – اليابان – فرنسا – ألمانيا- كندا – بريطانيا – إيطاليا" في هيروشيما باليابان قمة من أجل مناقشة بعض القضايا الكبرى بخصوص الحرب الأوكرانية والصين ونفوذها المتزايد حول العالم وسعيهم لمواجهة المطامح الصينية المتزايدة والحشد العسكري الصيني إلى جانب زيادة مخاوفهم من قيام الصين بالإستيلاء على تايوان بالقوة والزيادة الهائلة في حجم الترسانة النووية الصينية.

نجد على الجانب الأخر تعقد الصين قمة أُخرى رداً على هذه القمة مع دول آسيا الوسطى "كازاخستان – قيرغيزستان – أوزباكستان – طاجيكستان – تركمانستان" وتُعتبر هذه القمة قمة استثنائية والأولى من نوعها حيث أنه أول اجتماع بين الصين وقادة دول آسيا الوسطى جميعاً منذ 31 عاماً كما أن الصين استغلت الخروج الأمريكي من المنطقة أحسن استغلال وقامت بملء الفراغ الناتج عنه وذلك وفقاً للإستراتيجية الأمريكية الموجهه بشكل كبير لأقصى الشرق الأسيوي ومنطقة المحيط الهادي للتصدي للنفوذ الصيني في هذه المنطقة والخروج من مناطق مثل الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.

وهدفت القمة المشتركة بين الدول إلى تعزيز التعاون الاقتصادي وتحقيق التنمية المشتركة والثراء والازدهار المشترك بين كافة أطرافها كما جاء في تصريحات الرئيس الصيني شي جينبينغ.

وتتشارك الصين مع ثلاث دول من دول آسيا الوسطى في الحدود من الناحية الغربية وهي "كازاخستان – قيرغيزستان – طاجيكستان" وهو ما يعزز من عملية التعاون الاقتصادي بين الطرف الصيني ودول آسيا الوسطى فلقد وصل حجم التجارة بين الصين ودول آسيا الوسطى نهاية العام الماضي إلى أكثر من 70 مليار دولار.
كما أن الصين قامت بضخ مليارات الدولارات في احتياطيات الغاز الطبيعي في آسيا الوسطى من أجل التأكيد على استمرار هذه المشروعات في عملها كما أن هناك عدداً من خطوط السكك الحديدية الإستراتيجية التي تمر بأراضي تلك الدول تربط الصين بأوروبا.

وتتميز دول آسيا الوسطى بعدد من المميزات الأمر الذي دفع الصين للتوجه نحوها والسعى لبسط سيطرتها الاقتصادية عليها فالصين تعتبر من أكبر اقتصاديات العالم وتسعى لتحقيق الهيمنة الاقتصادية على الدول إلى جانب تحقيق الازدهار المشترك من خلال تشييد المشاريع الاقتصادية العملاقة التي تعود بالنفع عليها وعلى الدول الأخرى المشتركة معها في هذه المشاريع.

فدول آسيا الوسطى تتميز بأهمية جيواستراتيجية كبرى نظراً لكونها تقع في نقطة التقاء القارة الأسيوية والأوروبية كما أنها تربط بين الشمال والجنوب وتتميز بثروات نفطية ضخمة وبالأخص الاحتياطيات النفطية والغاز الطبيعي في بحر قزوين.

وتسعى الصين صاحبة الاقتصاد الصناعي الهائل التقرب من كافة الدول النفطية الكبرى والدول صاحبة الاحتياطات الضخمة من أجل تأمين المورد الرئيسي لعملية الصناعة وبالأخص إذا كان بالقرب من حدودها لتخفيض تكلفة عمليات النقل وللعمل على الشعور بالأمان بشكل كبير من أجل استمرار عملية الصناعة واستمرار عملية التنمية الكبرى التي تقوم بها.

كما أن هذه الدول تعتبر سوق ممتازة للسلع الصينية وتلجأ الصين لهذه الدول من أجل الحصول على المواد الخام التي تفتقر إليها وتعاني دول هذا الإقليم من نقص كبير في رؤوس الأموال وهو ما تعوضه الدولة الصينية صاحبة الاحتياطيات النقدية المُقدّرة بتريليونات الدولارات.

وتُعتبر الصين ثاني أكبر شريك تجاري لكل من كازاخستان وقيرغيزستان وتلعب الشركات الصينية دوراً كبيراً في كافة دول آسيا الوسطى من خلال تشييد مشاريع عملاقة ومتوسطة وصغيرة في العديد من المجالات ومنها التنقيب وبناء الطرق والسكك الحديدية وبناء خطوط أنابيب نقل الطاقة.

كما أن الصين في الوقت الحالي تسعى لرفع مستوى الاتفاقيات الثنائية في مجال الاستثمار مع كافة دول آسيا الوسطى وزيادة حجم الشحن عبر الحدود مع إقليم آسيا الوسطى إلى جانب العمل على تحقيق خطة للتنمية تشمل البنية التحتية وتعزيز التجارة بين الطرفين الصيني ودول آسيا الوسطى كافة ويعمل هذا الأمر على توفير وتعزيز الروابط الاقتصادية بين الدولة الصينية ودول آسيا الوسطى ويحقق مستويات عالية من الأمن الغذائي وأمن الطاقة كما يساهم في إطلاق فرص عمل محلية متعددة لشعوب آسيا الوسطى وإطلاق خدمة قطارات خاصة تهدف إلى تعزيز السياحة الثقافية في آسيا الوسطى.

كما لدول آسيا الوسطى دور محوري في المشروع الصيني الأهم على الإطلاق الذي تم الإعلان عنه في مارس 2013 من قِبل الرئيس الصيني شي جينبيغ وهو مشروع الحزام والطريق "طريق الحرير" حيث أنه نظراً لأن الإقليم الخاص بدول آسيا الوسطى يربط القارة الأسيوية بأوروبا كما أنه رابط بين الشمال والجنوب ويحد الصين من الناحية الغربية فقد كان لهذه الدول نصيب من المشروع.

فمن المقرر أن يمتد خط بري وهو ممر من الصين – آسيا الوسطى - إلى تركيا كما أن هذا الطريق لا يُنظر إليه على أنها متعلق بالجانب التجاري فقط وإنما معبر ثقافي يهدف إلى تحقيق الانفتاح الشمولي وتنمية التعددية الثقافية حول العالم وبناء منصة للتبادل والتواصل الثقافي العالمي وتتعلق مبادرة الطريق في آسيا الوسطى ببنى تحتية عملاقة مرتبطة بخطوط سكك حديدية كبرى ومطارات وموانئ إضافة إلى محطات للطاقة.