القائمة الرئيسية

الصفحات

اخر الاخبار

البيت الجديد_ الجزء الرابع

تساقطت الدموع على وجنتي أحلام و نشوى تحدق فيها في ذهول بعد كل ما سمعته للتو , ساد الصمت بينهما قليلا ثم تابعت :
- " فضلت طول الليل قاعده مستنياه و أنا سامعه صوت صريخ و أصوات خبط و تكسير و بعدين كل الأصوات سكتت فجأه , كنت مرعوبه و مش عارفه أعمل ايه ,كلمت أمن الكومباوند دخلوا البيت لقو الأرض متكسره و في أوضه تحت الأرض كان الراجل حافرها وبيعمل فيها الأعمال و الطقوس كل ليله و مليانه حشرات غريبه و بقايا عضم و ورق مكتوب عليه طلاسم , ولقوا جثة الراجل و جمبها جثة رضا جوزي الله يرحمه , تقرير الطب الشرعي قال ان سبب الوفاة سكته قلبيه ليهم هما الاتنين و محدش يعرف ايه اللي حصلهم , بعدها بقيت كل يوم في نص الليل بشوف نور البيت بينور و في خيال اسود طويل بيتحرك جوه البيت وبسمع أصوات صريخ ". 
قاطعتها نشوى في انفعال:
- " و ليه متحمله تعيشي فمكان زي ده ممشيتيش ليه؟ 
أجابتها في حزن:
- " مليش مكان تاني أروحه رضا باع شقتنا القديمه عشان نسكن هنا و دفع كل اللي حيلتنا في البيت ده".
- وازاي عارفين كل ده و سايبين الناس تسكن فيه بعد كل اللي حصل؟"
- كل واحد بيسيب البيت بيبيعه عشان يخلص منه, و بعد ما الراجل اللي كان ساكنه مات الورثه بتوعه قفلوا سقف الأوضه و باعو البيت.
أخذت نفسا عميقا ثم تابعت :
- " من حوالي سنه في أسره جت سكنت فيه, كان عندهم تلات أطفال , كنت بقف أتفرج عليهم , اللي عرفته مع الوقت ان الروح دي سيطرت تماما على واحد من الولاد و خلته يحاول يقتل اخواته كذا مره, آخر مره شفتهم فيها ,كانت عربية الإسعاف جت أخدت واحد من الولاد معرفش إذا كان مات فعلا و لا لحقوه و مرجعوش هنا تاني , وبعدها بكام شهر انتو جيتوا".   
  عضت نشوى على شفتها السفلى في مراره ثم قالت:
- " أنا السبب كنت فاكراه بيت لقطه طلع مصيبه ملهاش حل, لازم نمشي من هنا قبل ما واحده من بناتي يجرالها حاجه".

عادت نشوى إلى المنزل و قصت على هشام كل ما أخبرته بها أحلام , لم يصدق أذنيه من هول ما سمع ,قالت نشوى في أسف:
- "لازم نمشي من هنا بسرعه ".
- "ازاي ؟؟ وهنروح فين ما انتي عارفه كل الفلوس اشترينا بيها البيت ده و عشان نبيعه محتاجين وقت الله و أعلم هيكون قد ايه و إيه اللي ممكن يكون حصلنا .
سمعا صوت مريم تنادي بصوت مرتجف :
- تعالو بسرعه الحقوا جنى .
ركضوا مسرعين إلى غرفة جنى فوجدوا عينيها بيضاء تماما و تمسك بسكين في يدها و تغمغم بكلام غير مفهوم على الإطلاق!!!!!!.

حاول هشام الاقتراب منها و أخذ السكين من يدها قبل أن تؤذي أحدا و لكنها صرخت في وجهه بصوت ارتعدت له فرائصه و ظهر ذلك الخيال الأسود من خلفها على مرأى من الجميع هذه المره , صرخت نشوى في ذعر و همت بالركض نحوها لكن هشام أمسكها و جذبها إلى الخلف , أخذ ذلك الطيف يدور حول جنى و هي تغمغم بصوت خشن مرعب و عيناها مثبتتان نحو مريم التي لم تعد تقوى على الحراك من شدة الخوف, ثم بدأت جنى تتحرك نحو مريم و قد تبدلت ملامحها تماما , لم تدر مريم كيف خرجت من الغرفة و لا لماذا ذهبت إلى ذلك المكان بالتحديد , فقد نزلت إلى الأسفل ووقفت فوق مكان تلك الغرفه, صرخت نشوى و هي تتابع جنى تهبط السلم مسرعة باتجاه مريم و ذلك الطيف الأسود يدور حولها في سرعه , صاحت في ذعر:
- ابعدي من عندك يا مريم انتي نسيتي أبو النور قالك إيه؟!
ردت مريم مبتسمة :
- ما تخافيش يا ماما أنا عرفت هعمل إيه .
وصلت جنى إليها و بدأت تصرخ بذلك الصوت المرعب , لكن مريم ظلت واقفة مكانها تنظر في عينيها بتحد ,لا يبدو عليها الخوف مطلقا , هاجمتها جنى محاولة طعنها بالسكين لكنها أمسكت بيدها و أخذته منها و ألقت به بعيدا , جن جنون ذلك الطيف و أخذ يدور حولهما بسرعة فائقه وهما فوق الغرفه , صرخ هشام عندما رأى الأرض بدأت تتكسر أسفل مكان دورانه ففهم أنه يحاول تكسير الأرض ليسقطهما في الغرفه حيث هلاكهما لا محاله, أمسكت مريم بيد جنى و جذبتها إليها ثم ضمتها في قوه , و همست في أذنها :
- فاكره يا جنى الحلم اللي حكيتيهولي أما قولتيلي إننا كنا بنفكر في نفس الحاجه سوى و طلع نور جامد حوالينا , الحلم بيتحقق دلوقتي يللا يا جنى ساعديني هنفكر سوى فإننا بنموتها ".
ثم وضعت جبينها على جبين جنى و أغمضت عينيها ، بدأت تشعر بقوة عجيبه تخرج من جسدها و تحيط بهما , ثم اخذ صوت الصراخ يتعالى في كل أرجاء المنزل تبعه انقطاع التيار الكربائي و عم الظلام المكان، ثم بدأ يخبو شيئا فشيئا حتى تلاشى تماما و سكن كل شيء, سقطت مريم على الأرض و هي تحتضن جنى, ثم عاد التيار الكهربائي و عاد معه الهدوء للمكان ركضت نشوى نحو ابنتيها تحتضنهما باكية , و هشام يحاول التأكد من أنهما لا تزالان على قيد الحياه , لم تمض دقائق حتى أفاقتا و أصبحتا على خير ما يرام .

مر نحو أسبوع و قد أحضر هشام عمال قاموا بتكسير الأرض فوق تلك الغرفه و أخرجوا كل ما بها و أحرقوه , ثم ردموها بالرمال و الأسمنت , و أخفوا تماما أي أثر لوجودها . 
بعد نحو شهر كان كل شيء طبيعي للغايه ,و اعتادت مريم الجلوس في غرفتها حتى أنها بدأت تحبها بل وتحب المنزل أيضا , لم تعد أحلامها تتحقق و كانت تشعر بارتياح بالغ لذلك .
و في أحد الأيام دخلت جنى غرفتها و جلست بجوارها قائلة:
- مريم أنا حلمت حلم عاوزه أحكيهولك .
وضعت مريم يدها على فم جنى و هي تقول:
- "ما تحكيش حاجه أي حلم تحلمي بيه بعد كده انسيه و اوعي تحكيه لأي حد!!!"  .