اسمه عويمر بن مالك، وقيل اسمه عامر بن مالك، وعويمر لقب، تأخر إسلامه قليلًا فكان آخر أهل داره إسلامًا، وحسن إسلامه، وكان فقيهًا، عاقلًا، حكيمًا. آخى رسول اللَّه بينه وبين سلمان الفارسي.
وقال رسول اللَّه ﷺ(عويمر حكيم أمتي) و كان أبو الدرداء أحد الأربعة الذين جمعوا القرآن كاملاً في عهد النبي ﷺ وكان للرسول أثراً كبيراً في تربية أبي الدرداء، وأوصاه أكثر من مرةٍ بالأعمال التي تحقق له مصلحته في الدنيا والآخرة، كان أبو الدرداء رضي الله عنه زاهداً في الدنيا، عالماً قاضياً، خائفاً خاشياً من الله تعالى، حريصاً على الأخوّة في الله، حريصاً على دعوة الإسلام.
وكان أبو الدرداء آخر من أسلم من الأنصار وكان يعبد صنماً، فدخل ابن رواحة ، ومحمد بن مسلمة بيته ، فكسرا صنمه ، فرجع فجعل يجمع الصنم ، ويقول : ويحك! هلا امتنعت! ألا دافعت عن نفسك؟! ، فقالت أم الدرداء : لو كان ينفع أو يدفع عن أحد ، دفع عن نفسه ، ونفعها !
فقال أبو الدرداء: أعدي لي ماء في المغتسل ، فاغتسل ، ولبس حلته ، ثم ذهب إلى النبي ﷺ فنظر إليه ابن رواحة مقبلاً ، فقال : يا رسول الله ، هذا أبو الدرداء ، وما أراه إلا جاء في طلبنا ؟ فقال : إنما جاء ليسلم ، إن ربي وعدني بأبي الدرداء أن يسلم .
وقد اشتهر أبو الدرداء بحكمته وعقله وفطنته وزهده وعبادته، وقد انتقل إلى الشام زمن عمر بن الخطاب ليعلّم الناس القرآن الكريم، وورد أنّه أول من أوجد حلقات تحفيظ القرآن، ثمّ أصبح قاضياً، فكان أول قاضٍ لدمشق، وكان قبل إسلامه تاجراً معروفاً، وبعد إسلامه انصرف عنها إلى العبادة بعد أن رأى من نفسه عدم القدرة على التوفيق بين العبادة والتجارة، إضافةً غلى أنه كان عالماً مزكياً لعلمه، فلم يكن محتكراً له، وكان دائم التفكّر والاعتبار والاتعاظ ، واعظاً الناس ومذكّراً لهم.
" مر أبو الدرداء يومًا على رجل أصاب ذنبًا وكانوا يسبونه. فقال: أرأيتم لو وجدتموه في قَلِيب (بئر قديمة ) ألم تكونوا مستخرجيه؟ قالوا: بلى. قال: فلا تسبوا أخاكم، واحمدوا اللَّه الذي عافاكم. قالوا: أفلا تبغضه. قال: إنما أبغض عمله فإذا تركه فهو أخي ".
تُوفيَ في السنة الواحدة والثّلاثين هجرياً ، وقد كان من فقهاء الأمّة الإسلاميّة وحكمائها على الرّغم من أنّه لم يكن من السّابقين في دخول الإسلام، ولكنّ رجاحة عقله دفعته إلى ما آل إليه، ولقد ورد في موته أنّه بكى بينما حلّ به منزاعة روحه، فقالت له زوجته: "أنت تبكي يا صاحب رسول الله؟"، فردّ قائلًا: "نعم، وما لي لا أبكي ولا أدري علام أهجم من ذنوبي" !